[ad_1]
منار علي حسن، فنانة بصرية لبنانية متعدّدة التخصصات ومدرّبة تصميم جرافيك، ولدت في بيروت عام 1980، وفي عام 2019 نالت منار علي حسن درجة الماجستير في الفنون البصرية بامتياز من الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة (ألبا- جامعة البلمند)، رحلة منار الفنّية تميّزت بالسعي الدؤوب للتعبير عن الذات والفضول العميق حول التجربة الإنسانية، غالباً ما يستكشف عملها المثير للتفكير عوالم الهوية والثقافة والمجتمع؛ مما يتحدّى المشاهدين للتفكير في وجهات نظرهم وعواطفهم مع نقل الروايات المعقدّة ومعالجتها بعمق، إلى زيادة الوعي.
أصبحت رواياتها ورسوماتها حاضنة لقصص وتجارب تعاني من الألم المزمن والخوف والتعب، تهدف من خلالها تسليط الضوء على المعاناة والألم ورسالة للأمل في مواجهة الشدائد وإلهام الآخرين للتغيير.
لتسليط الضوء على هذا العمل الفنّي المعبّر التقت “سيدتي” الفنانة منار علي حسن وأجرت معها الحوار الآتي:
جسد امرأة ينخره الألم
بداية تصف الفنانة منار علي حسن فكرة معرض “حكايات أجساد مؤلمة الذي انطلق بمشاركة 7 سيدات بقولها: “تحت وطأة الشدّة والمحن، غالباً ما نجد أنفسنا مرغمين على إعادة النظر في حياتنا وتعريفها من جديد في محاولة منّا للحفاظ على هوية ذاتية صادقة، “حكايات أجساد مؤلمة” هو مشروع فني قائم على البحث في سرديات شخصية، وهو دعوة من الفنان لاستكشاف الطبقات الحميمة والشخصية لمعنى الألم، كما يلقي الضوء على تجربة الحياة داخل جسد امرأة ينخره الألم”، وفي صميم هذه الأعمال الفنية تتجلّى التجارب الحيّة لـ7 نساء لبنانيات، تصارعن جميعاً حالة مرضية مزمنة ومؤلمة تُعرف باسم الفيبروميالجيا (التهاب العضلات الليفي).
وتضيف منار: “يسعى التعمّق الفني سواء من خلال الرسومات أو الروايات التي تصف الأمراض المزمنة والإيماءات الجسدية إلى إلقاء الضوء على طبيعة هذه التجارب التي تعطّل مسار الحياة، وكشف معانيها وآثارها، علاوة على ذلك لطرح أسئلة وجودية والبحث فيها، وإقامة روابط شاعرية قاتمة بين الهوية والعلاقات الشخصية والوصمات الاجتماعية”.
وتتابع منار “يستطيع الفن أن يكون أيضاً تعبيراً عن الجسد العليل وأوجاعه، بوسائط وأدوات وأشكال مختلفة، في مساحة عرض واحدة هي “غاليري جانين ربيز” في بيروت تحت عنوان “حكايات أجساد مؤلمة”، في هذا المعرض نقف أمام أعمال سرية معلّقة وفوتوغرافيات ونصب تجهيزي من علب الأدوية ولوحات متعدّدة المواد، فضلاً عن شريطي فيديو، يغوص الأول في معنى الألم، فيما الثاني كناية عن تأمّل قريب وحميم في تجربة والدتي نفسها مع المرض ومقاومتها له وعدم تركه يؤثر على تصرفاتها أمام الآخرين”.
مجموعات فنية
تحت عنوان “طباعة الاشتداد ومحاصرة الأجساد المتشنّجة” نجد 3 مجموعات نُفذت بين عامَي 2019 و2023، بتقنيات مختلفة: أكريليك على أورغانزا، وحبر وخياطة يدوية على مواد متنوّعة، أكريليك على أكفان… أعمال صادمة وبليغة، ظلّية ومعلّقة، تتدلّى القطع مثل الأكفان، فوقها أشكال باهتة ومتحلّلة بالحبر، على ورق رقيق أو قماش، لتمثل تجارب النساء الـ7 ومواضع الألم في أجسادهن التي تبدو مثل خيالات منتصبة أو منحنية، إنّما غير مكتملة الأعضاء، معزولة ومتألّمة، لم يبقَ الجسد مثلما كان، فهو معرّض للزوال وللموت.
“آثار حارقة” عنوان مجموعة فوتوغرافية (طباعة باردة على ورق) لأجساد ممدّدة فوق السرير في وضعيّات تشي بألم لا يحتمل، ويزيدنا الأبيض والأسود إحساساً بوجع تلك الأجساد وعزلتها وحالة التشوّش التي تعيشها والمعبّر عنها باللقطة المغبّشة غير البؤريّة، اللا وضوح في الصورة ضروري ليعكس آلام الجسد والنفس معاً، فوتوغرافيات فنّية، مفاهيميّة، لا تنشد الواقعية بل تدنو من تجريد الشكل (الجسد) والملامح.
قوة الألم
تقول منار : “منحتني شريكاتي في الألم قوة تسلّحت بها لكي أحقق هدفي الأساسي باحتضان قصصهنّ واستيعابها بإخلاص مع الاعتراف ليس فقط بما نطقن به من كلمات إنما أيضاً بكل ما لم يبُحن به، من تلميحات مبطّنة وأفكار غير معلنة، كان هدفي فهم هذه الروايات وتفسيرها وإجلالها، والاستسلام لتأثيرها العميق في نفسي والسماح لها بأن تحفّزني للإنتاج وهو إنتاج يتجلّى على شكل مقاربات وتجارب فنية، إن هذه الأعمال تكريم لمرونة وصلابة أولئك اللواتي تعانين من الألم المزمن، وهي شهادة على رباطة جأشهنّ وصمود أنفسهنّ وسط تجارب الحياة ومحنها، شكل الألم في المرآة، لون المرض في الكادر، فوضى الوجع في النفس، تعب موصوف مرئي في اللون والشكل وفي الخطوط المفكّكة في الشكلانية العامة.
ونجحت منار بخفّة الريشة الثقيلة، رسم الألم أثقل من الريشة، ووزن ألوانها كمثل غموض لون الألم نفسه، وفي مشقتها، مثقلة بريشة تستدرجها الى ابتكار لون الخوف والتعب والحيرة والصحوة المجنونة.
للمزيد من قصص العطاء والإحساس بالآخرين الأميرة نوف بنت عبدالرحمن آل سعود رئيسُ مجلسِ إدارةِ جمعيَّة «لأجلهم»: بـ«رؤية 2030» أصبحنا دولةً صديقة لذوي الإعاقة.
الهوية الفنية
وفي سؤال عن هويتها الفنية أجابت منار: “هويتي كشخص وفنان متشابكة بعمق مع تجاربي الشخصية وتراثي الثقافي والسعي الدؤوب للتعبير عن الذات، نشأت في بيروت، كنت منغمسة في نسيج غني من التاريخ والتعقيدات المجتمعية، وشكّلت بعمق نظرتي للعالم ومساعيَّ الفنية، بصفتي شخصاً، أسعى إلى فهم ونقل الطبيعة متعدّدة الأوجه للتجربة البشرية، لقد علّمتني صراعاتي الخاصة، لا سيما مع مرض الـFibromyalgia المرونة وأهمية إيجاد الجمال والمعنى في الشدائد.
وتضيف منار: كفنانة أستكشف موضوعات الهوية والثقافة والحالة الإنسانية، وغالباً ما أركّز على الأصوات المهمّشة، وخاصة النساء، باستخدام وسائل مختلفة؛ مثل مقاطع الفيديو والتركيبات والوسائط المختلطة، أهدف إلى إنشاء اتصالات عاطفية مع جمهوري، وتشجيع التفكير في التحيزات الشخصية، وتكمن السمة الخاصة لعملي في مزيجها من السرد الشخصي والتعليقات الاجتماعية، من خلال معالجة الموضوعات المعقدّة من خلال نهج متعدّد التخصّصات، أسعى جاهدة لإشراك المشاهدين عاطفياً وفكرياً، وتعزيز التعاطف وإلهام التغيير.
التعاطف مع تجارب الألم
وعن أهم أعمالها الفنية أوضحت منار: في مشروعي “قصص الأجساد المؤلمة”، أعبّر عن حالتي النفسية والجسدية من خلال وسائط فنية مختارة بعناية، تنقل تعقيدات العيش مع الألم المزمن وتأثيره على الهوية، باستخدام مقاطع الفيديو والصور والتركيبات، أستكشف الآثار العميقة للألم المزمن على حياة الأفراد، ويتعمّق كل عمل فني في التجارب الحميمة للنساء اللواتي يعانين من ألم مزمن، ويدعو المشاهدين للتعاطف مع نضالاتهن ومرونتهن.
وفي فيلم “الألم بيننا” يلتقط الرابطة بين الأم وابنتها وسط المرض، مما يرمز إلى الألم المشترك والتفاهم، ويؤرّخ كتاب “ذات مرة حياة” الرحلات العاطفية للنساء ذوات الأجساد المؤلمة، بينما يتعمّق فيلم “ما هو في كلمة” في التعبيرات الإبداعية عن الألم، تشكّل هذه الأعمال الفنية معاً سرداً متماسكاً، تسلّط الضوء على الطبيعة متعدّدة الأوجه للألم المزمن وتشيد بقوة أولئك الذين يتحملونه.
وتتابع منال : باختصار يدعو فني المشاهدين إلى التعاطف مع التجارب الحية للألم المزمن، وتعزيز فهم أعمق لتأثيره على الهوية والرفاهية الشخصية”.
منذ عام 2019، عُرضت أعمالي الفنية في العديد من المساحات الفنية في لبنان، مثل ArtLab و Arneli Art Gallery و Galerie Tanit و Galerie Janine Rubeiz… بالإضافة إلى ذلك، أتيحت لي الفرصة لعرض أعمالي دولياً، مع معارض في الأردن واليابان وإيطاليا وإسبانيا.
يمكنك التعرّف أيضاً إلى الفنانة هناء السجيني: أبحث عن الصدق والحساسية والشجاعة في العمل الفني.
رسالة أمل وتمكين
حول الطموحات التي تسعى منار لتحقيقها من خلال الفن، أوضحت “من خلال فني، أطمح إلى زيادة الوعي بالتحديات التي يواجهها الأفراد الذين يعانون من الألم المزمن، وخاصة النساء، من خلال مشاركة قصصهن وتجاربهن بطريقة شخصية وعاطفية للغاية، أهدف إلى تعزيز التعاطف والتفاهم بين المشاهدين، عملي بمثابة شهادة على مرونة وقوة أولئك اللواتي تعانين من مرض مزمن، ويقدم رسالة أمل وتمكين في مواجهة الشدائد، من خلال تسليط الضوء على الجوانب غير المعلنة للعيش مع الألم والاحتفال بالروح الإنسانية، آمل أن ألهم الأخريات لإيجاد الشجاعة والمرونة في نضالاتهن.
أحد المعالم البارزة في مسيرتي هو أول عرض منفرد لي بعنوان Sagas of Payful Bodies، والذي يُعرض حالياً في Galerie Janine Rubeiz، لقد وفّر لي هذا المعرض منصة لمشاركة رواياتي الشخصية والحميمة مع الجماهير محلياً ودولياً، أما بالنسبة للمشاريع المستقبلية، فأنا أعمل حالياً على توسيع رواياتي الشخصية والحميمة الاستكشافية وتأثيرها على الهوية والمجتمع، أخطّط لمواصلة التعاون مع الأفراد كمصدر إلهام للمساعي الفنية الجديدة، بالإضافة إلى ذلك، أستكشف طرقاً لدمج وسائط وتقنيات جديدة في ممارستي، وزيادة توسيع نطاق وعمق تعبيري الفني.
بشكل عام أنا متحمّسة للإمكانيات التي تنتظرنا وأتطلّع إلى مشاركة مشاريعي المستقبلية مع العالم”.
وتختم منار بقولها: “أفلَحَ من أبدع في تجسيد ورسم صورة الألم، حرّر الألم وأرجعه إلى أفول وارتداد بصدى مُعاكس للألم نفسه، واللوحة الفنية المرسومة بريشة المتألِّم، والمكتوبة بحروف وكلمات المُتعب، والصادحة بعزف الفنان، وموسيقى المتكئ على زهرة روحه، تنتصب كقوس أمل في مساحة العيش والانتعاش، مساحة البصر الناطقة بجمالية الجسد المنهك”.
[ad_2]
Source link