[ad_1]
لندن- مصحوبة بمراسل ميداني من قناة “جي بي إن” البريطانية، سارت وزيرة الداخلية البريطانية السابقة سويلا برافرمان تجاه اعتصام جامعة كامبريدج، فيما قالت إنه محاولة لاستطلاع آراء المعتصمين، وبث وجهات نظرهم في مقابلة على الهواء مباشرة.
لم تلقَ برافرمان من المعتصمين سوى الصمت، رغم الأسئلة التي طرحتها على المتظاهرين في محاولة لاستنطاقهم، لكن الصمت وحده مع تحديق المعتصمين بها، كانا السمتين الأبرز، فيما قُوبلت من ردود.
في اليوم ذاته، عاد المراسل باتريك كريستيز لمقر القناة ليكون مذيعا، وعادت سويلا معه لتكون محاورة، ولكن هذه المرة مع الطالبة “فيونا لالي”، منسقة الحملات الوطنية للحزب الشيوعي الثوري.
يذكر أن قضية مظاهرات الطلبة، واعتصاماتهم المؤيدة لفلسطين كانت عاملا أساسيا في إقالة برافرمان من منصبها في حكومة رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك، بعد انتقادها الشرطة البريطانية واتهامهم بالتساهل الشديد مع المتظاهرين المؤيدين لفلسطين.
إحراج الوزيرة السابقة
كان اللقاء لافتا في هيئته المعتادة، ففي البرامج الحوارية، أو تلك التي تأخذ صيغة المناظرة، يُبنى البرنامج عادةً على مُحاور رئيسي، يطرح الأسئلة وينظم عملية الإجابة، بما يضمن توازن عدد الدقائق وعدم جور أحد الضيوف على الآخر، لكن هذا اللقاء أخذ منحى مختلفا، ربما لـ”مكانة” الضيف الذي لعب دور المحاور، وزيرة الداخلية السابقة، في مقابل “وزن” الضيف.
امتد اللقاء نحو 18 دقيقة تقريبا، أخذ فيها الحوار جانبا بدت فيه الأسئلة منفصلة تماما عن الأسئلة التي تتولد من النقاش، لتنحو باتجاه الأسئلة “المعلبة” أو المحفوظة مسبقا، وما أثبت ذلك، هو السؤال الأول الذي طرحته سويلا، ثم ما تبعه من أسئلة.
طرحت برافرمان سؤالها الأول على الطالبة لالي، وهو سؤال يسهل توقعه لمن يتابع وسائل الإعلام الغربية “ما رأيك فيما حصل يوم السابع من أكتوبر؟”.
ردت الطالبة بأن ما جرى لم يبدأ يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وذكرت أنه قبل عدة أيام كان الطلبة في الاعتصامات يحيون ذكرى النكبة الفلسطينية، وهي بمثابة رمز لما تفعله إسرائيل خلال الـ76 عاما السابقة.
ووجهت لالي لومها لبرافرمان بسبب افتتاحها الحديث بهذا السؤال، ووصفت ذلك بأنه “دلالة على مكر شديد” من طرفها، وقالت “بصراحة، أعتقد أنه أمر عظيم ما حصل اليوم، من ذهابك للاعتصام ومحاولة حديثك مع هؤلاء الأشخاص، حيث كنت تهينين نفسك وأنت تحاولين القيام بهذا الأمر”.
واعتبرت لالي أن ما جرى هو بمثابة تذكير للجميع بما حصل مع الوزيرة السابقة، باعتبار أن “الحراك الفلسطيني كان سببا رئيسيا في إسقاطها”، في إشارة إلى نهاية خدمتها كوزيرة للداخلية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأكدت أن هذا الحراك قادر على إسقاط عدد آخر من الوزراء بل والحكومة، بالإضافة لأي حزب يقوم بدعم ما تقوم به إسرائيل اليوم في قطاع غزة.
ثم وجّهت وزيرة الداخلية السابقة سؤالها الثاني الذي لم يكن متصلا بإجابات لالي، بل جاء بصيغة “إذا أنت تقولين إن مخيمات الاعتصام منفصلة عما جرى يوم السابع من أكتوبر، أو عن الرد الإسرائيلي على ما جرى في اليوم ذاته؟”.
“في الواقع، الشيء الوحيد المنفصل هو منظورك وموقفك تجاه ما يجري” ردت لالي على السؤال، وأضافت أن الطلبة المتظاهرين يتصل موقفهم بشكل مباشر بالأحداث التي تجري في غزة، وهم يقومون بما يستطيعون لإيقاف الجامعات من إنفاق ما يقرب من 450 مليون جنيه أسترليني للقوات الإسرائيلية، عوضا عن استثمارها في التعليم أو ما يجب أن يتم الاستثمار فيه.
ووجهت لالي حديثها لبرافرمان قائله إنها وحكومتها منفصلان عما يريده غالبية الشعب البريطاني، فالشعب يريد إيقاف الحرب في غزة، بينما يريدون هم إرسال المزيد من الأسلحة للجيش الإسرائيلي.
ولم تلبث برافرمان أن تعود لأسئلتها المعلبة فقالت “ما نظرتك تجاه حماس؟”، لترد عليها لالي برفضها الحديث عن حماس، معتبرة أن دافع الوزيرة السابقة للسؤال عنها هو رغبتها في إرسال المزيد من الدعم المالي لإسرائيل، وزيادة الإنفاق على الموازنة العسكرية، في حين لا تتم زيادة الإنفاق على القضايا الأساسية، مثل التعليم، وقالت “في الحقيقة أنا لست هنا للحديث عن حماس، لأنه ليس لدي أي ارتباط بها”.
اعتصام كامبريدج
بالعودة للمشهد الذي سبق إجراء المقابلة، سأل المراسل الميداني باتريك كريستيز الوزيرة السابقة قبل مرورها بالمعتصمين عما دفعها للقدوم لموقع الاعتصام، فأجابت أنها كانت طالبة في جامعة “كامبريدج” قبل 20 عاما، لذلك فهذه الزيارة تحمل جانبا من الذكرى بالنسبة لها.
واعتبرت برافرمان أنها ترى “مجموعة متطرفة تحاول أن تستأثر بالخطاب العام” حسب وصفها، في إشارة لمؤيدي فلسطين، “في مقابل مجموعة أخرى يجب عليها أن تصمت”، وتعني بهم مؤيدي إسرائيل.
كما أشارت بصيغة يظهر فيها الحياد، أنها جاءت للتعلّم والاستماع لوجهة النظر الأخرى، وأنها أتت لإعطاء الطلبة فرصة لإيصال رسالتهم، وأنها قدمت بنية صادقة للمناظرة لا من أجل افتعال معركة كلامية، ولم تنسَ إبداء استغرابها من أن الجامعة ما زالت تسمح بإقامة هذا الاعتصام، كما صرحت لمراسل القناة البريطانية.
بدأ هذا “الحياد” بالتلاشي تدريجيا حينما بدأت الوزيرة السابقة بالمرور على الطلاب المقيمين في اعتصامهم، عندما طرحت أسئلتها بما اعتادت الصحافة الغربية بالسؤال عنه، وهي الأسئلة ذاتها التي وجهتها للطالبة لالي في وقت لاحق من اليوم نفسه، مثل “ما رأيكم بما قامت به حماس في السابع من أكتوبر؟”، و”هل ترون ما يحدث حقا طبيعيا لدفاع إسرائيل عن نفسها؟”.
تجاهل الطلبة كافة الأسئلة المطروحة عليهم، والتي لم تخلُ من استفزاز، كسؤالها “لماذا أنتم ملثمون؟ هل بسبب كورونا أم لأسباب أخرى؟”، ومع هذا الصمت، بدأت برافرمان بإبداء استغرابها.
وتجدر الإشارة إلى أن الطلبة المعتصمين انتهجوا أسلوب اقتصار الرد على وسائل الإعلام من جانب “المدرّبين إعلاميا”، حتى يتم الحد من قدرة الجهات الإعلامية على تشويه التظاهرات والأفراد المتواجدين فيها، بحسب ما يرى القائمون على الاعتصامات، وهو الأمر الذي ظهر في رد طلبة جامعة “كامبريدج” على محاولات استنطاقهم واستدراجهم في الحوار الإعلامي، لذلك، كانت لالي هي من ذهبت للمشاركة في المقابلة مع القناة البريطانية.
موقف متوقع
تكشف سيرة وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان، والتي تنتمي لحزب المحافظين، المعروف بمواقفه الداعمة لإسرائيل، عن موقفها تجاه ما تسميه بـ”الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023 أدانت برافرمان مباشرة ما قامت به حركة حماس، وأعربت عن دعمها لإسرائيل.
وإن كانت برافرمان تتفق مع الكثيرين من البريطانيين في ذلك، لكنها لم تقف عند ذاك الحد، حيث دعت إلى تشريع يجرم مقاطعة إسرائيل، معتبرة “أن إسرائيل منارة للديمقراطية في الشرق الأوسط، والدفاع عنها ليس جزءا من الحروب الثقافية، بل إنه رمز للدفاع عن الإنسانية”.
ولم تُخفِ الوزيرة السابقة باستمرار انتقادها لأولئك الذين يتظاهرون ضد ما تقوم به إسرائيل في غزة، كما حثّت الشرطة البريطانية على اتخاذ إجراءات بشأن أي محاولات من جانب المتظاهرين لمضايقة أفراد الطائفة اليهودية، في محاولة منها لتشويه المتظاهرين المؤيدين لإيقاف الحرب ومحاسبة إسرائيل على جرائمها تجاه الفلسطينيين، وباعتبار أنها تمثل “زرعا لبذور الكراهية”.
كما بات موقفها واضحا بشكل أكثر حينما وصفت أثناء سيرها بجوار الجامعة ما يجري اليوم بـ”حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها تجاه حماس الوحشية”، وهو ما يعيد إلى الذاكرة موقفها بزيارة إسرائيل في أبريل/نيسان الماضي، أي بعد 6 أشهر من الحرب على غزة، وتجاوز أعداد القتلى أكثر من 30 ألفا.
[ad_2]
Source link