[ad_1]
تعيش مؤسسة الرئاسة في نيكاراغوا في الفترة الأخيرة، تقلبات متسارعة على مستوى العلاقات بين أفراد العائلة الحاكمة!. ورغم أن نيكاراغوا ليست مملكة، إلّا أن السلطة فيها تدور في فلك أسرة “أورتيغا”، بين الرئيس دانيال أورتيغا، وزوجته روساريو موريّو في منصب نائب الرئيس، وابنهما الأصغر لاوريانو فاكوندو المرشّح لخلافة والده.
وقد أكّدت الأوامر التي أصدرتها السيدة الأولى موريّو الأسبوع الماضي بوضع شقيق الرئيس ووزير الدفاع السابق، الجنرال أومبارتو، تحت الإقامة الجبرية، ومصادرة كل الأجهزة الإلكترونية لأفراد أسرته، أن العلاقة بين الشقيقين، قد بلغت نهايتها، وأن المآل الذي وصلته عائلة أورتيغا، بسبب التناحر الداخلي قد يهدم البيت على الجميع.
مشاحنات وقطيعة
ليس من باب الصدفة أن تكون أوامر استجواب الجنرال أومبارتو أورتيغا، صادرة عن السيدة الأولى روساريو موريّو، فتاريخ العلاقة بينها وبين صهرها يمتدّ لأكثر من أربعين سنة من المشاحنات والقطيعة المستمرّة، ومن الواضح أن نائبة الرئيس تنوي وضع نقطة النهاية لهذه العلاقة.
بيدَ أن هذا التصعيد من قبل نائبة الرئيس وزوجته في الوقت ذاته، جاء مباشرة بعد نشر موقع “انفوباي” الأرجنتيني يميني التوجه، حوارًا مطوّلًا مع الجنرال أومبارتو أورتيغا تطرّق فيه إلى السيناريوهات المحتملة في حال وفاة شقيقه الرئيس دانيال أورتيغا، وأكّد أن النظام الذي أسسه الرئيس لن يصمد بعد وفاته، لذلك دعا المؤسسة العسكرية للأخذ بزمام الأمور من أجل تجنب الفوضى.
كما أنه يرى أن الغياب المفاجئ المحتمل للرئيس، سيحدث ارتباكًا وصعوبة هائلة لدى المؤسسات الحكومية والحزب في مواجهة الوضع الجديد بشكل حاسم وقوي، ولن تكون لها القدرة على ملء ذلك الفراغ. واقترح إجراء انتخابات مبكرة، كمخرج مؤقت لتجاوز الأزمة، إن حصلت.
كما تطرّق في الحوار إلى نقاط أخرى عديدة تتعلّق بتخوّفه من نوايا تصفيته بطرق خبيثة، من قبل الدائرة الضيقة في القصر الرئاسي، والتي تُحاك من وراء ظهر شقيقه الرئيس. إضافة إلى تعرضه للحديث عن التكاليف الباهظة للمواقف التي يتبناها الرئيس أورتيغا في القضايا الدولية، لاسيما المعاصرة، والتي تستفزّ الإدارة الأميركية، مؤكدًا أنها مواقف تُغرق نيكاراغوا في معارك طويلة الأمد، وتستنزف طاقة شعبها، وبالتالي وجب مراجعتها.
التشبّث بالسلطة
ويعتبر الحديث عن المرحلة اللاحقة للرئيس أورتيغا، أمرًا ممنوع التداول تمامًا داخل نيكاراغوا، رغم أن الجميع واعٍ بأن الرئيس البالغ 78 عامًا، والذي فاز بفترة رئاسية سابقة من 1985 إلى 1990، وعاد للرئاسة في 2007 ولم يبرحها إلى اليوم، متشبثٌ بالحكم وسط غليان غير مسبوق على الساحة السياسية والاجتماعية، لكنه مازال يحظى بدعم المؤسسة العسكرية، التي تنتظر ربما موته الطبيعي للالتفاف على الحكم، دون الاستعجال وإحداث بلبلة في الوقت الحالي.
ورغم أن الرأي العام في نيكاراغوا كان يتحدث منذ سنوات عن استعداد زوجته روساريو موريّو، للترشح لانتخابات 2026 القادمة، فإن المؤشرات الحالية ترجّح تحضير ابنهما السادس لاوريانو فاكوندو لخلافة والده.
وعودة للانتقادات التي يُدلي بها شقيق الرئيس، الجنرال أومبارتو لوسائل الإعلام الأجنبية، فقد تتالت في السنتين الأخيرتين، تصريحاته ومقالاته الناقدة لانعدام متنفس للمعارضة داخل بلاده، وتضاعف حجم السياسات الانتقامية منهم، ومن عائلاتهم، من قبل نظام الرئيس أورتيغا.
وقد مثّل الحوار الذي أجرته قناة “سي إن إن” الأميركية في فبراير/شباط 2023، مع الجنرال أورتيغا، القطرة التي أفاضت كأس صبر الرئيس وزوجته، ووجّها له تحذيرات شديدة، بسبب إعرابه خلال الحوار عن استنكاره حملة اعتقالات رموز من المعارضة وسجن العشرات منهم بتُهم الإرهاب، بأمر من شقيقه الرئيس. لكن الحوار الأخير مع الموقع الأرجنتيني كان وقعه أشدّ، ودفع بالسيدة الأولى إلى كتم صوت صهرها، ومصادرة كل أجهزة تواصله مع العالم الخارجي.
تسلّق وهيمنة
ومهما تكن الانتقادات الموجهة للجنرال أومبارتو أورتيغا البالغ من العمر 77 عامًا، في تقويض حكم شقيقه الرئيس أورتيغا، إلّا أن الرجل معترف بأن مسيرته النضالية وحياته السياسية بدأت جنبًا إلى جنب مع شقيقه الرئيس أورتيغا ومع نائبته موريّو في فلك الجبهة “الساندينية” للتحرير الوطني، لكنه يعارض بشكل قطعي استئثار شقيقه وزوجته بالحكم وإدخال البلاد في معارك أكبر من حجمها، على غرار استمرار اصطفافها في دائرة “التحالف البوليفاري لشعوب أميركتنا”، المعادي للإدارة الأميركيّة.
الغريب في الأمر، أنّ الخلاف الحالي بين الرئيس أورتيغا وشقيقه الجنرال أومبرتو، ما كان ليصل إلى التطور الأخير، لو لم تكن العلاقة بين الجنرال وزوجة شقيقه على هذا المستوى من العداوة منذ عقود.
وقد بلغ الأمر بالجنرال أن وصفها في أحد كتبه بالمتسلّقة والمهيمنة و”المُخجلة”، في إشارة إلى زواجها المثير للجدل من شقيقه، وإنجابها 6 أبناء. وقد بلغت العداوة بين الجنرال وزوجة شقيقه، إلى درجة المواجهة أمام الرأي العام، كما حدث في جنازة والدة الرئيس أورتيغا وشقيقه سنة 2005، عندما جلب كل واحد منهما فريق دفن لمقبرتين مختلفتين، واندلع النقاش بشأن مكان الدفن قبالة تابوت والدتهما وأمام أنظار الحاضرين، وانتهت الخصومة بفرض رأي زوجة الرئيس أورتيغا. وهي واقعة عالقة بذاكرة شعب نيكاراغوا، يستشهدون بها لإثبات هيمنة السيدة الأولى على قرارات العائلة والدولة.
قد تنجح السيّدة الأولى في نيكاراغوا في إسكات صوت شقيق زوجها الجنرال أورتيغا هذه المرة، لكن هذه الخطوة قد تمثّل مدخلًا للمعارضة وللإدارة الأميركية لإيجاد حجّة مقنعة لتأليب الرأي العام الغاضب بطبعه في نيكاراغوا، على الرئيس أورتيغا وزوجته موريّو، في وقت وهن فيه بيتهما وأصبحا عبئًا واضحًا حتى على المؤسسة العسكرية، التي قد تنتظر نهاية حكمهما للالتفاف على السلطة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
[ad_2]
Source link