تنظّم المحامين العرب بات ملحًّا

[ad_1]

تعتبر نقابة المحامين – اتّحاد المحامين في إسرائيل – واحدة من المساحات الّتي يعمل في إطارها المحامين العرب في إسرائيل ضمن إطار مهيمن عليه صهيونيًّا ويهوديًّا تاريخيًّا منذ أن أقيمت النقابة في سنة 1961. والعضويّة في نقابة محامي إسرائيل والعمل فيها يعتبر إلزاميًّا للمحامين العرب، لأسباب مختلفة أهمّها أنّ رخصة مزاولة مهنة المحاماة مشروطة بالعضويّة في النقابة ما يعني أنّه لا إمكانيّة قانونيّة لمزاولة المهنة إلّا عبر النقابة ومن خلالها.

تاريخيًّا ظلّت النقابة مهيمن عليها وعلى سياساتها من قبل المحامين الصهاينة واليهود، ومع ذلك استطاع المحامون العرب انتزاع دور مركزيّ فيها على مدار عقود من عضويّتهم فيها. إلّا أنّ ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين أوّل وحرب الإبادة الّتي يشنّها جيش الاحتلال منذ شهور على أهلنا في قطاع غزّة لم تترك إطارًا أو مساحة يقف فيها العرب في الداخل إلّا وطاولتها لناحية سياسة التضييق والملاحقة والتوعّد والترهيب وتكميم الأفواه على نحو غير مسبوق بات أكثر وضوحًا وصراحة ممّا كان عليه قبل السابع من أكتوبر الماضي. إذ طاولت ملاحقات العرب في الداخل أساتذة الجامعات العرب إلى حدّ مداهمتهم واعتقالهم من بيوتهم. وينسحب ذلك على المحامين في إطار نقابة المحامين الّتي تعرض بعض محاميها العرب ولأنّهم كذلك، إلى التهديد بسحب رخصة مزاولة المهنة لمجرّد تعبيرهم عن رفضهم للمذبحة القائمة على مدار الساعة بحقّ أبناء شعبهم من أطفال ونساء في قطاع غزّة. وذلك من قبل محامين يهود يفترض بهم زملاء لهم، كما يفترض بالنقابة أن تكون إطارًا يحمي المحامي نفسه لا أن تتحوّل إلى أداة لتهديده والتضييق عليه.

الآن وأكثر من أيّ وقت مضى، بات على المحامين العرب التفكير جدّيًّا بتنظيم أنفسهم تنظّمًا مهنيًّا ضمن إطار اتّحاديّ جامع للمحامين العرب. وهذه ليست دعوة للانفصال عن نقابة المحامين في إسرائيل، لأنّ ذلك استحالة أصلًا لأسباب متعلّقة برخصة مزاولة المهنة وغيرها. غير أنّ التنظّم الّذي ندعو إليه في ظلّ سياسات النقابة تجاه محاميها العرب، هو تنظّم اختياريّ يجمع ويحمي المحامين العرب في إطار النقابة ذاتها، بما يوحّد كلمتهم، ويحمل همومهم وتحدّياتهم المشتركة.

انخرط المحامون العرب، انخراطًا نشطًا ومهنيًّا في لجان ومؤسّسات النقابة منذ تأسيسها، ورأوا بأنفسهم نقابيًّا على الأقلّ جزءًا فعّالًا فيها لناحية النشاط في انتخابات النقابة مثلًا، والّتي تجري بشكل دوريّ كلّ أربع سنوات. وذلك على مستوى الانتخاب والترشّح معًا، ضمن قوائم محلّيّة أو قطريّة، واستطاعوا إيصال بعض الأعضاء المحامين لمؤسّسات النقابة وهيئاتها، كما تمكّنوا من تعيين محامين عرب في لجان النقابة المختلفة، وهي لجان تطوّعيّة تعنى بشكل عامّ بشؤون المحامين النقابيّة والمهنيّة. كما كان لهم دور أساس في تعيين قضاة عرب في مختلف المحاكم الإسرائيليّة، وهو تعيين يتزايد بوتيرة متصاعدة من سنة لأخرى.

ورغم محاولات بعض المحامين العرب الجدّيّة والصادقة في بناء علاقة مع النقابة أساسها المهنيّة تقوم على الاحترام المتبادل والتعامل اللائق فيما يتّصل بقضاياهم وهمومهم بعيدًا عن السياسة الجارية في الشارع الإسرائيليّ من عنصريّة متفاقمة، ومظاهر للتطرّف نحو يمين اليمين بما في ذلك داخل أوساط المحامين اليهود. إلّا أنّ هذه المحاولات لم تنجح، وما يزال المحامي العربيّ يشعر بغربته في نقابته أو على الأقلّ في الإطار الّذي يفترض به نقابته، لتقتصر علاقته بها على دفع الرسوم السنويّة لتجديد بطاقة مزاولته المهنيّة المشتقّة والمشروطة بعضويّته فيها كما أسلفنا.

تتأثّر علاقة المحامين العرب بنقابتهم في ظلّ السؤال السياسيّ والتحوّلات الطارئة على الخريطتين السياسيّة والاجتماعيّة في الدولة العبريّة وهذا مفهوم، غير أنّ الشرخ بات أكثر وضوحًا في إطار النقابة ذاتها مع تحوّلات جارية داخلها تحاول النيل من قيم ومثل ومهنيّة المحامي العربيّ والّتي يفترض بالنقابة حمايتها. بدأت مؤسّسة نقابة المحامين مثلها مثل باقي مؤسّسات الدولة بعد السابع من أكتوبر تتصرّف كأداة لقمع المحامي العربيّ وملاحقته، ووصل الأمر بالنقابة إلى تقديم بعض المحامين العرب إلى المحاكم لمحاكمتهم أمام لجان الطاعة لمجرّد نشرهم منشورًا أو تغريدة على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعيّ عبّروا فيها عن موقفهم الأخلاقيّ الرافض للحرب وجرائمها في قطاع غزّة.

إنّ رئيس نقابة المحامين الحاليّ، والّذي تجنّد المحامون العرب لدعمه في انتخابات النقابة الأخيرة، لم يستجب حتّى لطلب عقد لقاء مع ممثّلين عن المحامين العرب والاستماع إليهم وإلى مشاكلهم الّتي يواجهونها. ممّا يستدعي برأينا في مثل هذا المناخ، وفي ظلّ هذه التحوّلات الجارية على المستويين القانونيّ والسياسيّ بما فيهما داخل النقابة إلى إقامة إطار عربيّ منظّم داخلها يعمل على ضمان حقوق المحامين وحمايتهم، وذلك لأنّ على المحامين أن يكونوا أوّل المدافعين ليس عن وكلائهم فقط، إنّما عن زملائهم في المهنة أيضًا، خصوصًا أن أوّل ما تحيل إليه مهنة المحاماة هو العدل والإنصاف وإحقاق الحقّ والانحياز لها ورفض الظلم والتعسّف والقمع والإجحاف، وهذه مثل مهنيّة وليست شعارات.

من واجب ما يقارب العشرة آلاف محام عربيّ – فلسطينيّ في البلاد أن يبدوا موقفهم ورأيهم الأخلاقيّ أوّلًا ثمّ القانونيّ ثانيًا ضدّ العنصريّة وسياسات التمييز في كلّ مناحي حياة السكّان العرب اليوميّة، وضدّ سنّ القوانين العنصريّة وأبرزها قانون القوميّة.

نحتاج اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، إلى إطار جادّ ومهنيّ وصادق يقف في وجه كلّ هذه السياسات الّتي تمارسها أجهزة الدولة، على أبناء شعبنا في الداخل بمن فيهم المحامون العرب من معاملة مسيئة في مراكز الشرطة والنيابة وغرف تحقيقهما، وحتّى أثناء المداولات أمام القضاة في المحاكم الّتي لم تعد تخلو من إساءة وتقزيم للمحامي العربيّ فيها. لم يعد ممكنًا بين أوساط المحامين العرب السكوت، على الجرائم ضدّ الإنسانيّة المرتكبة يوميًّا في غزّة والضفّة الغربيّة والانتهاكات اليوميّة في القدس، وخصوصًا في المسجد الأقصى. لقد بات سكوتًا بل صمتًا مدوّيًا في إزعاجه، وعلينا واجب التحرّك وحقّ التحرّك أيضًا من أجل العمل على بناء إطار اتّحاديّ لمحامينا العرب يحميهم ويحمي أبناء شعبهم، وكلّ من طاولته سياسات التنكيل والظلم والإجحاف بصرف النظر عن هويّته ودينه ولونه، فهذه مهمّة إنسانيّة أوّلًا ثمّ وطنيّة – جماعيّة جامعة ثانيًا.



[ad_2]

Source link

Leave A Reply

Your email address will not be published.